سيارة بوجاتي توربيدو موديل 1935 تظهر من جديد

لم يكن يتخيل “جان بوجاتي” ابن “إيتور” مؤسس بوجاتي العريقة أن أحدهم سيعيد إحياء ابنته بعد ما يقرب من 70 عاماً من وفاتها إكلينيكياً.
بدأت القصة في ثلاثينيات القرن الماضي عندما بدأ جان رحلة تصميم ابنته الجديدة، فمع عدد من القضبان المتقاطعة في المقدمة ومصباحين يبدوا وكأنهما معلقان في المقدمة الطويلة أسطوانية الشكل، وشبكات التهوية الكبيرة على الجانبين، أصبحت توربيدو جاهزة لاستعراض نفسها في معرض باريس للسيارات “Paris Auto Salon” حيث كان الاستقبال الرسمي لها ولشقيقتها “إيروليث-Aerolitheh” كوبيه من نفس الفئة 57 S.
لفتت Torpedo Competition الأنظار في المعرض الشهير، ليس فقط بسبب تصميم الزجاج الأمامي الجديد، والذي كان عبارة عن لوحاً طولياً لكل مقعد بدلاً من لوح زجاجي طويل على امتداد المقعدين، ولا للعجلات المثبتة على جانبي السيارة بواقع واحدة لكل جانب، مع مصفوفات من المسامير استُخدمت في تثبيت الألواح الخارجية بالهيكل، وإنما لهيكلها المصنوع من سبائك الماغنسيوم أو كما أسماه الفرنسيون “Elektron” ليزيدها جمالاً فوق جمالها، كما تميزت بأنها أول سيارة تستخدم الشاسيه المنخفض في تصميمها.

سيارة بوجاتي توربيدو موديل 1935 تظهر من جديد
كانت توربيدو قد صممت من أجل المنافسة في سباق “لو مان-Le Mans” الشهير، إلا أن الرياح أتت بما لا يشتهي جان بوجاتي، فمع تزايد ظهور بوادر الحرب العالمية الثانية وانتشار الاضطراب في أنحاء البلاد، تقرر أن يلغى السباق، ليُحرم جان من مشاهدة عجلات سيارته المدللة تطأ مضمار السباق، ولم تستخدم توربيدو بعد ذلك إلا في التجارب على الطريق، وغالباً ما كان يقودها جان بنفسه خوفاً من أن تمسها أياد لا تقدر قيمتها الحقيقية. ثم قامت الحرب لتأتي على كل ما طالته أيديها بما فيها “توربيدو” وشقيقتها “إيروليث”، حيث تم تفكيكهم إلى أجزاء ليختفي هيكل الماغنسيوم الثمين في طيات الحرب.

الولادة من جديد
بعد انتهاء الحرب واعتبار الناس لتوربيدو أنها في عداد المفقودين، ظهر الأميركي “جيم هال-Jim Hull” ليرفض التسليم بذلك، ويقرر تكريس حياته في البحث عن توربيدو ليعيد إحياءها من جديد مهما كلفه الأمر.
كانت نواة مشروع “جيم” هو عاشق آخر لبوجاتي يُدعى “Uwe Hucke”، قام بجمع أجزاء مختلفة منها، اشتراها من المخزون القديم للمصانع في الستينيات، من “Francois Seyfried”، الذي كان مدير مخازن بوجاتي حينها.
حيث كان هدف “جيم” لقاء Hucke لما عُرف عنه من ولعه في جمع أجزاء سيارات بوجاتي، وكان لقاؤهما الأول، في 1981، حيث ساعده في الحصول على كثير من أجزاء “توربيدو”، من الهيكل الذي تم شحنه إلى “كولرادو”، حيث قام جيم بتخصيص مكان لإعادة بناء توربيدو بداخله، وبدأت رحلته التي امتدت لنحو 32 عاماً!

عقبات في طريق
بالطبع لا يُعرف عن عمليات إعادة الإحياء سهولتها، واليوم يواجه جيم واحدة من أصعب تلك المشكلات، فقد جرت العادة أنه عند تركيب أو تجميع سيارة، يتم ذلك وفقا لتصميم، خريطة تركيب، نشرة مواصفات، وما إلى ذلك، إلا أن جيم لم يجد أيا من هذه الأشياء، وكل ما أعطاه لفريقه نشرات دعاية قديمة للسيارة، باللونين الأبيض والأسود!
واجهت جيم عقبات أخرى، إلا أنها لم توقفه، فمثلاً استخدام الماغنسيوم على الهيكل لم يكن سهلاً، لذلك فقد استعان بكل مساعدة ممكنة، لدراسة خواص هذه المادة، وكيفية استخدامها بالطريقة الصحيحة، وربما يكون ذلك قد كلفه مزيداً من الوقت، إلا أنه نجح في النهاية.
ويقول جيم إن تجميع الأجزاء من كل مكان استغرق نحو 22 عاماً، بدايةً من 1981 وحتى عام 2003، ثم بدأ تركيب هذه الأجزاء، مع قضاء عامين آخرين في البحث عن بعض القطع المفقودة، ثم ثماني سنوات أخرى في تركيب وإعادة بناء السيارة، لتولد من جديد في 2013.